Monday, April 2, 2007

second sword


وهذا تفسير سورة الكافرون لأن البعض قد يتسائل لماذا هذه السورة بها تكرار لجملتين بنفس النص أولا قال أحد المفسرين في تفسير السورة :
قوله تعالى { قل يا أيها الكافرون } الآيات الست الكريمات نزلت ردا على اقتراح تقدم به بعض المشركين وهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن المطلب وأمية بن خلف مفاده أن يعبد النبي صلى الله عليه وسلم معهم آلهتهم سنة ويعبدون معه إله سنة مصالحة بينهم وبينه وإنهاء للخصومات في نظرهم، ولم يجبهم الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء حتى نزلت هذه السورة { قل يا ايها الكافرون } أي قل يا رسولنا لهؤلاء المقترحين الباطل يا أيها الكافرون بالوحي الإِلهي وبالتوحيد المشركون في عبادة الله تعالى أصناما وأوثانا { لا أعبد ما تعبدون } الآن كما اقترحتم { ولا أنتم عابدون } الآن { ما أعبد } لما قضاه الله لكم بذلك، { ولا أنا عابد ما عبدتم } في المستقبل أبدا { ولا أنتم عابدون ما أعبد } في المستقبل أبدا لأن ربي حكم فيكم بالموت على الكفر والشرك حتى تدخلوا النار لما علمه من قلوبكم وأحوالكم وقبح سلوككم وفساد أعمالكم { لكم دينكم } لا أتابعكم عليه { ولي دين } لا تتابعونني عليه. بهذا أيأس الله رسوله من إيمان هذه الجماعة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم بطمع في إيمانهم وأيأَس المشركين من الطمع في موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم على مقترحهم الفاسد، وقد هلك هؤلاء المشركون على الكفر فلم يؤمن منهم أحد فمنهم من هلك في بدر ومنهم من هلك في مكة على الكفر والشرك وصدق الله العظيم فيما أخبر به عنهم أنهم لا يعبدون الله عبادة تنجيهم من عذابه وتدخلهم رحمته.
وقال مفسرأخر :
وأما وجه التكرار فقد قيل إنه للتأكيد في قطع أطماعهم؛ كما تقول: والله لا أفعل كذا، ثم والله لا أفعله. قال أكثر أهل المعاني: نزل القرآن بلسان العرب، ومن مذاهبهم التكرار إرادة التأكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز؛ لأن خروج الخطيب والمتكلم من شيء إلى شيء أولى من اقتصاره في المقام على شيء واحد؛ قال الله تعالى: "فبأي آلاء ربكما تكذبان" [الرحمن: 13]. "ويل يومئذ للمكذبين" [المطففين: 10]. "كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون" [النبأ: 4 - 5]. و"فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا" [الشرح:5 - 6]. كل هذا على التأكيد. وقد يقول القائل: إرم إرم، اعجل اعجل؛ ومنه قوله عليه السلام في الحديث الصحيح: (فلا آذن، ثم لا آذن، إنما فاطمة بضعة مني). خرجه مسلم. وقال الشاعر:
هلا سألت جموع كندة يوم ولوا أين أينا
وقال آخر:
يا لبكر انشروا لي كليبا يا لبكر أين أين الفرار
وقال آخر:
يا علقمة يا علقمة يا علقمة خير تميم كلها وأكرمه
وقال آخر:
يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرع
وقال آخر:
ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلم
ومثله كثير. وقيل: هذا على مطابقة قولهم: تعبد آلهتنا ونعبد إلهك، ثم نعبد آلهتنا ونعبد إلهك، ثم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك، فنجري على هذا أبدا سنة وسنة. فأجيبوا عن كل ما قالوه بضده؛ أي إن هذا لا يكون أبدا. قال ابن عباس: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: نحن نعطيك من المال ما تكون به أغنى رجل بمكة، ونزوجك من شئت، ونطأ عقبك؛ أي نمشي خلفك، وتكف عن شتم آلهتنا، فإن لم تفعل فنحن نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك صلاح، تعبد آلهتنا اللات والعزى سنة، ونحن نعبد إلهك سنة؛ فنزلت السورة. فكان التكرار في "لا أعبد ما تعبدون"؛ لأن القوم كرروا عليه مقالهم مرة بعد مرة. وقيل: إنما كرر بمعنى التغليظ. وقيل: أي "لا أعبد" الساعة "ما تعبدون. ولا أنتم عابدون" الساعة "ما أعبد". ثم قال: "ولا أنا عابد" في المستقبل "ما عبدتم. ولا أنتم" في المستقبل "عابدون ما أعبد". قاله الأخفش والمبرد. وقيل: إنهم كانوا يعبدون الأوثان، فإذا ملوا وثنا، وسئموا العبادة له، رفضوه، ثم أخذوا وثنا غيره بشهوة نفوسهم، فإذا مروا بحجارة تعجبهم ألقوا هذه ورفعوا تلك، فعظموها ونصبوها آلهة يعبدونها؛ فأمر عليه السلام أن يقول لهم: "لا أعبد ما تعبدون" اليوم من هذه الآلهة التي بين أيدكم. ثم قال: "ولا أنتم عابدون ما أعبد" أي وإنما أنتم تعبدون الوثن الذي اتخذتموه، وهو عندكم الآن. "ولا أنا عابد ما عبدتم" أي بالأمس من الآلهة التي رفضتموها، وأقبلتم على هذه. "ولا أنتم عابدون ما أعبد" فإني أعبد إلهي. وقيل: إن قوله تعالى: "لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد" في الاستقبال. وقوله: "ولا أنا عابد ما عبدتم" على نفي العبادة منه لما عبدوا في الماضي. ثم قال: "ولا أنتم عابدون ما أعبد" على التكرير في اللفظ دون المعنى، من قبل أن التقابل يوجب أن يكون: ولا أنتم عابدون ما عبدت، فعدل عن لفظ عبدت إلى أعبد، إشعارا بأن ما عبد في الماضي هو الذي يعبد في المستقبل، مع أن الماضي والمستقبل قد يقع أحدهما موقع الآخر. وأكثر ما يأتي ذلك في أخبار الله عز وجل. وقال: "ما أعبد"، ولم يقل: من أعبد؛ ليقابل به "ولا أنا عابد ما عبدتم" وهي أصنام وأوثان، ولا يصلح فيها إلا "ما" دون "من" فحمل الأول على الثاني، ليتقابل الكلام ولا يتنافى. وقد جاءت "ما" لمن يعقل. ومنه قولهم: سبحان ما سخركن لنا. وقيل: إن معنى الآيات وتقديرها: قل يا أيها الكافرون لا أعبد الأصنام التي تعبدونها، ولا أنتم عابدون الله عز وجل الذي أعبده؛ لإشراككم به، واتخاذكم الأصنام، فإن زعمتم أنكم تعبدونه، فأنتم كاذبون؛ لأنكم تعبدونه مشركين. فأنا لا أعبد ما عبدتم، أي مثل عبادتكم؛ "فما" مصدرية. وكذلك "ولا أنتم عابدون ما أعبد" مصدرية أيضا؛ معناه ولا أنتم عابدون مثل عبادتي، التي هي توحيد
وقال مفسرأخر:

وكانوا يعتقدون أنهم على دين إبراهيم , وأنهم أهدى من أهل الكتاب , الذين كانوا يعيشون معهم في الجزيرة العربية , لأن اليهود كانوا يقولون:عزير ابن الله . والنصارى كانوا يقولون:عيسى ابن الله . بينما هم كانوا يعبدون الملائكة والجن على اعتبار قرابتهم من الله - بزعمهم - فكانوا يعدون أنفسهم أهدى . لأن نسبة الملائكة إلى الله ونسبة الجن كذلك أقرب من نسبة عزير وعيسى . . وكله شرك . وليس في الشرك خيار . ولكنهم هم كانوا يحسبون أنفسهم أهدى وأقوم طريقا !
فلما جاءهم محمد [ ص ] يقول:إن دينه هو دين إبراهيم - عليه السلام - قالوا:نحن على دين إبراهيم فما حاجتنا إذن إلى ترك ما نحن عليه واتباع محمد ?! وفي الوقت ذاته راحوا يحاولون مع الرسول [ ص ] خطة وسطا بينهم وبينه ; وعرضوا عليه أن يسجد لآلهتهم مقابل أن يسجدوا هم لإلهه ! وأن يسكت عن عيب آلهتهم وعبادتهم , وله فيهم وعليهم ما يشترط !
ولعل اختلاط تصوراتهم , واعترافهم بالله مع عبادة آلهة أخرى معه . . لعل هذا كان يشعرهم أن المسافة بينهم وبين محمد قريبة , يمكن التفاهم عليها , بقسمة البلد بلدين , والالتقاء في منتصف الطريق , مع بعض الترضيات الشخصية !
ولحسم هذه الشبهة , وقطع الطريق على المحاولة , والمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة , ومنهج ومنهج , وتصور وتصور , وطريق وطريق . . نزلت هذه السورة . بهذا الجزم . وبهذا التوكيد . وبهذا التكرار . لتنهي كل قول , وتقطع كل مساومة وتفرق نهائيا بين التوحيد والشرك , وتقيم المعالم واضحة , لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير:
(قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون , ولا أنتم عابدون ما أعبد , ولا أنا عابد ما عبدتم , ولا أنتم عابدون ما أعبد . لكم دينكم ولي دين).
نفي بعد نفي . وجزم بعد جزم . وتوكيد بعد توكيد . بكل أساليب النفي والجزم والتوكيد . .
(قل). . فهو الأمر الإلهي الحاسم الموحي بأن أمر هذه العقيدة أمر الله وحده . ليس لمحمد فيه شيء . إنما هو الله الآمر الذي لا مرد لأمره , الحاكم الذي لا راد لحكمه .
قل يا أيها الكافرون . . ناداهم بحقيقتهم , ووصفهم بصفتهم . . إنهم ليسوا على دين , وليسوا بمؤمنين وإنما هم كافرون . فلا التقاء إذن بينك وبينهم في طريق . .
وهكذا يوحي مطلع السورة وافتتاح الخطاب , بحقيقة الانفصال الذي لا يرجى معه اتصال !
(لا أعبد ما تعبدون). . فعبادتي غير عبادتكم , ومعبودي غير معبودكم . .
(ولا أنتم عابدون ما أعبد)فعبادتكم غير عبادتي , ومعبودكم غير معبودي .
(ولا أنا عابد ما عبدتم). . توكيد للفقرة الأولى في صيغة الجملة الإسمية وهي أدل على ثبات الصفة واستمرارها
.(ولا أنتم عابدون ما أعبد). . تكرار لتوكيد الفقرة الثانية . كي لا تبقي مظنة ولا شبهة , ولا مجال لمظنة أو شبهة بعد هذا التوكيد المكرر بكل وسائل التكرار والتوكيد !
وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(6) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(5)
ثم إجمال لحقيقة الافتراق الذي لا التقاء فيه , والاختلاف الذي لا تشابه فيه , والانفصال الذي لا اتصال فيه , والتمييز الذي لا اختلاط فيه:
(لكم دينكم ولي دين). . أنا هنا وأنتم هناك , ولا معبر ولا جسر ولا طريق !!!
مفاصلة كاملة شاملة , وتميز واضح دقيق . .
ولقد كانت هذه المفاصلة ضرورية لإيضاح معالم الاختلاف الجوهري الكامل , الذي يستحيل معه اللقاء على شيء في منتصف الطريق . الاختلاف في جوهر الاعتقاد , وأصل التصور , وحقيقة المنهج , وطبيعة الطريق .
إن التوحيد منهج , والشرك منهج آخر . . ولا يلتقيان . . التوحيد منهج يتجه بالإنسان - مع الوجود كله - إلى الله وحده لا شريك له . ويحدد الجهة التي يتلقى منها الإنسان , عقيدته وشريعته , وقيمه وموازينه , وآدابه وأخلاقه , وتصوراته كلها عن الحياة وعن الوجود . هذه الجهة التي يتلقى المؤمن عنها هي الله , الله وحده بلا شريك . ومن ثم تقوم الحياة كلها على هذا الأساس . غير متلبسة بالشرك في أية صورة من صوره الظاهرة والخفية .

1 comment:

"Gay Boy" Weekly (Blogger Ricky) said...

كنت دائما اسئل عن هذا التكرار، شكرا للمعلومة، قد افادتني كثيرا

اتمنى لكم التوفيق