Monday, April 2, 2007

first sword


يدعي البعض أن القرأن قد إقتبس من شعر أحد الشعراء الجاهليين وهو أمية بن أبي صلت ومنهم نذكر الأستاذ ( هوار )وهو أحد المستشرقين الذي قال أن هذا الشاعر الجاهلي قد كان له أثر في القرآن.
والغريب من أمر المستشرقين في هذا الموضوع وأمثاله أنهم يشكون في صحة السيرة نفسها ويتجاوز بعضهم الشك إلي الجحود فلا يرون في السيرة مصدرا تاريخيا صحيحا وإنما هي عندهم كما ينبغي أن تكون عند العلماء جميعا طائفة من الأخبار والأحاديث تحتاج إلي التحقيق والبحث العلمي الدقيق ليمتاز صحيحها من منتحلها .
هم يقفون هذا الموقف العلمي من السيرة ويغلون في هذا الموقف ؛ ولكنهم يقفون من أمية بن أبي الصلت وشعره موقف المستيقن المطمئن ، مع أن أخبار أمية ليست ادني إلي الصدق ولا أبلغ في الصحة من أخبار السيرة .
فما سر هذا الاطمئنان الغريب إلي نحو من الأخبار دون النحو الآخر ?
وحسبي أن شعر أمية ابن أبي الصلت لم يصل إلينا إلا من طريق الرواية والحفظ لأشك في صحته .
ثم أن موقف أمية نفسه يحملني علي أن ارتاب الارتياب كله في شعر أمية ابن أبي الصلت ؛ فقد وقف أمية من النبي موقف الخصومة : هجا أصحابه وأيد مخالفيه ورثي أهل بدر من المشركين .
وكان هذا وحده يكفي لينهي عن رواية شعره ، وليضيع هذا الشعر كما ضاعت الكثرة المطلقة من الشعر الوثني الذي هجا فيه النبي وأصحابه حين كانت الخصومة شديدة بينهم وبين مخالفيهم من العرب الوثنيين واليهود .
وليس يمكن أن يكون من الحق في شيء أن النبي نهي عن رواية شعر أمية لينفرد بالعلم والوحي وأخبار الغيب .
فما كان شعر أمية ابن أبي الصلت إلا شعرا كغيره من الشعر لا يستطيع أن ينهض للقرآن كما لم يستطع غيره من الشعر أن ينهض للقرآن .
وما كان علم أمية ابن أبي الصلت بأمور الدين إلا كعلم أحبار اليهود ورهبان النصارى . وقد ثبت النبي لأولئك وهؤلاء واستطاع أن يغلبهم علي عقول العرب بالحجة مرة وبالسيف مرة أخرى .
فأمر النبي مع أمية بن أبي الصلت كأمره مع هؤلاء الشعراء الكثيرين الذين هجوه وناهضوه وألبوا عليه .
ومن هنا تستطيع أن تفهم ما يروى من أن النبي أنشد شيئا من شعر أمية فيه دين وتحنف فقال : " آمن لسانه وكفر قلبه " آمن لسانه لأنه كان يدعو إلي مثل ما كان يدعو إليه النبي ، وكفر قلبه لأنه كان يظاهر المشركين علي صاحب هذا الدين الذي كان يدعو إليه . فأمره كأمر هؤلاء اليهود الذين أيدوا ووادعوه ، حتى إذا خافوه علي سلطانهم السياسي والاقتصادي والديني ظاهروا عليه المشركين من قريش .
ليس إذا شعر أمية بن ابي الصلت بدعا في شعر المتحنفين من العرب أو المنتصرين والمتهودين منهم
وليس يمكن أن يكون المسلمون قد تعمدوا محوه ؛ إلا ما كان منه هجاء النبي وأصحابه ونعيا علي الإسلام ؛ فقد سلك المسلمون فيه مسلكهم في غيره من الشعر الذي أهمل حتى ضاع .
وبالنسبة لما في شعر أمية بن ابي الصلت من أحداث وردت في القرآن كأخبار ثمود وصالح والناقة والصيحة .
يرى الأستاذ ( هوار ) أن ورود هذه الأخبار في شعر أمية مع مخالفتها بعض المخالفة لما جاء في القرآن دليل علي صحة هذا الشعر من جهة ، وعلي أن النبي قد استقى منه أخباره من جهة أخرى .
ولست أدري قيمة هذا النحو من البحث .
فمن الذي زعم أن ما جاء في القرآن من أخبار كان كله مجهولا قبل أن يجيء به القرآن ؟ ومن الذي يستطيع أن ينكر أن كثيرا من القصص القرآني كان معروفا بعضه عند اليهود وبعضه عند النصارى وبعضه عند العرب أنفسهم ، وكان من اليسير أن يعرفه النبي ، كما كان من اليسير أن يعرفه غير النبي من المتصلين بأهل الكتاب .
ثم كان النبي وأمية متعاصرين .
فلم يكون النبي هو أخذ عن أمية ولا يكون أمية هو الذي أخذ عن النبي ؟
ثم من الذي يستطيع أن يقول : إن من ينتحل الشعر ليحاكي القرآن ملزم أن يلائم بين شعره وبين نصوص القرآن ؟
أليس المعقول أن يخالف بسنهما ما استطاع ليخفي الانتحال ويوهم أن شعره صحيح لا تكلف فيه ولا تعمل ؟ بلى

ولو سلمنا أنَ بعض الآيات هي من الشعر الجاهلي فهو إفتراض سقيم ، وإلا فما هو مصدر بقية الآيات التي لم يرد لها ذكر في الشعر الجاهلي !!
و حقيقة إننا لو أخذنا شعر أمية بن أبي الصلت نجد أن معظم ما جاء فيه يعكس نفس الأفكار التي جاء بها القرآن من يوم الحساب والجزاء والعقاب، وكون الله رحمان رحيم وما إليه، ولكن لا غرابة في ذلك فقد كان بعض العرب باقين على دين إبراهيم الخليل (عليه السلام) وهم الاحناف ، فكانوا يؤمنون بالله سبحانه وبالجزاء والمعاد والحساب ، فمنهم عبد المطلب بن هاشم ومنهم زيد بن عمرو بن نفيل ومنهم قس بن ساعدة الايادي ، وأما امية بن أبي الصلت فقد كان نصرانياً كما في مجمع الزوائد للهيثمي ج8 ص231 ، وكانت لديه كتب هي الاسفار اليهودية والنصرانية يقرأ بها ، وكان يقرأ فيها ان نبياً سيبعث من مكة فكان يظن أنه هو ذلك النبي ! كما في فتح الباري لأبن حجر ج6 ص425. ومات امية بن أبي الصلت كافراً أيام حصار الطائف سنة 8هـ.
وقد يقول البعض إن هناك بعض الكلمات قالها أمية قبل أن ينزل القرآن، وهو ادعاء غير صحيح وليس عليه أي دليل ، فقد مات أمية بن ابي الصلت سنة 8هـ ، وقد سمع من القرآن المجيد الكثير من الآيات التي استخدم بعض مفرداتها في شعره وتأثر به ـ بالاضافة الى ديانته النصرانية وايمانه بالله سبحانه وتأثره بالاحناف الذين كانوا يعيشون في شبه الجزيرة العربية.
ويجب ان نعلم أن المشركين واعداء الاسلام من يهود وغيرهم ، وامية بن أبي الصلت منهم ، حين تحداهم القرآن بان يأتوا بمثله ولو بسورة فعجزوا ، فلجأوا الى طرق وذرائع عديدة لمنع انهيار ثقافتهم الجاهلية وقيم مجتمعهم الوثني أمام بزوغ الاسلام ، فمن الوسائل التي لجاوا إليها هي استخدام مفردات قرآنية في شعرهم من اجل احداث نوع من الضبابية على القرآن الكريم ، ومن اجل الارتقاء بكلامهم ليصل الى مستوى القرآن في محاولة يائسة منهم للوقوف والتصدي لبلاغة القرآن واعجازه
فهل على القرآن المجيد ان يستعمل كلمات لا يتداولها الناس !!وكأمثله علي ما قاله أمية نذكر
ـ [(مليك السموات الشداد وأرضها **** وليس بشيء عن هواه تأود
وسبحان ربي خالق النور لم يلد **** ولم يك مولودًا بذلك أشهد
" ولم يلد ولم يولد " (الإخلاص 3) )] ، وهو دليل مهم على تأثر امية بن أبي الصلت بالاسلام والقرآن ، لأن أمية كان مسيحياً ، وولادة الابن من الاب عندهم هي من العقائد اللازمة ، فما ورد في شعره من أن ربه لم يلد ولم يك مولوداً دليل على تأثره بالقرآن.

[(ويقول أمية بن أبي الصلت كذلك:
من الحقد نيران العداوة بيننا **** لئن قال ربي للملائكة اسجدوا
لآدم لما أكمل الله خلقه **** فخروا له طوعًا سجودًا وركد
فقال عدو الله للكبر والشقا ****أطين على نار السموم يسوّد
" وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين " (البقرة، 34)
وكذلك: " قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين " (الأعراف، 11) )] ، فمن الواضح جداً ان امية بن ابي الصلت قد اقتبس هذه الفكرة من الاسلام وادخلها في شعره ، وإلا فإن المسيحية واليهودية تخلوا من هذه القصة أي قصة سجود الملائكة لآدم (عليه السلام) وامتناع أبليس عن ذلك. فمن أين اتى أمية بها إن لم يكن من الاسلام !
[(وقال أمية بن أبي الصلت:
ـ [(وسبحانه من كل إفك وباطل **** ولا والد ذو العرش أم كيف يولد
هو الله باري الخلق والخلق كلهم**** إماء له طوعًا جميعًا وأعبد
ويفني ولا يبقى سوى القاهر الذي**** يميت ويحمي دائبا ليس يمهد
" كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " (الرحمن 26-27) )]
وقال إيضا:
ومن خوف ربي سبح الرعد فوقنا**** وسبحه الأشجار والوحش أبد
" يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته " ( سورة الرعد 13) )]
وقال إيضا:
ظلال بين أعناب ونخل و **** بنيان من الفردوس عالي
" وجعلنا فيها جناتٍ من نخيل وأعنابٍ وفجرنا فيها من العيون " ( يس 34)
لهم ما يشتهون وما تمنـوا **** من اللـذات فيها والجمـال
ومن إستبرق يكسـون فيها **** عطايا جمة من ذي المعالي
" متكئين على فُرش بطائنها من إستبرقٍ وجنى الجنتين دانٍ " ( الرحمن 54) )] ،
وقال أيضا:
كل دين يوم القيامة عند **** الله إلا دين الحنيفة بور
" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة " ( البينة، 5)
وقال أمية كذلك:
أم من تلظى عليه واقدة **** النار محيط بهم سرادقهـا
" إنا اعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا " ( الكهف، 29)
أم اسكن الجنـة التي وعد**** الأبرار مصفوفة نمارقهـا
" أكواب موضوعة. ومنارق مصفوفة " ( الغاشية 14-15 )
لا يستوي المـنزلان ثم ولا **** الأعمال لا تستوي طرائقها
هما فـريقان فـرقة تدخـل **** الجنـة حفت بهـم حدائقها
وفـرقة منهـم قـد أدخلت **** النـار فساءتهـم مرافقهـا)] ، من المعروف ان أمية قد عاصر الاسلام ومات كافراً سنة 8هـ عاصر الإسلام 22 سنة فمن الطبيعي أن يصله القرأن ، ولذلك نلاحظ التشابه الكبير بين كلامه والقرأن فهو كان يقتبس الكثير من مفردات القرآن في شعره ، وهذا هو سبب ورود الكثير من تلك المفردات والتعابير القرآنية في شعره

No comments: